الأهلي يواجه بالميراس في صراع التأهل

 


تشهد بطولة كأس العالم للأندية 2025، التي تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية، تصاعدًا في الإثارة مع استمرار منافسات دور المجموعات. هذه النسخة التاريخية من البطولة، بنظامها الموسع الجديد الذي يضم 32 فريقًا من مختلف القارات، تعد بتحولات كبيرة في ديناميكية المنافسة مقارنة بالبطولات السابقة التي كانت تقتصر على عدد محدود من الأندية. ومع انطلاق مرحلة المجموعات، تتجه الأنظار نحو مواجهة حاسمة ضمن المجموعة الأولى، تجمع بين عملاقي القارة الأفريقية، النادي الأهلي المصري، والقوة البرازيلية، بالميراس. هذه المباراة لا تمثل مجرد لقاء ضمن دور المجموعات؛ بل هي مواجهة محورية قد تحدد مسار الفريقين في البطولة.   

إن طبيعة النظام الجديد للبطولة، الذي يضم 32 فريقًا موزعين على 8 مجموعات، ترفع من قيمة كل نقطة يتم الحصول عليها. ففي النسخ السابقة، كان أداء قوي واحد كافيًا لدفع الفريق نحو الأدوار المتقدمة، أما الآن، فإن كل مباراة في دور المجموعات تكتسب أهمية مضاعفة. وبما أن الأهلي وبالميراس قد تعادلا سلبيًا في مباراتيهما الافتتاحيتين ، فإن هذا اللقاء الثاني يتحول إلى ما يشبه "مواجهة إقصائية مبكرة" لضمان الحصول على أفضلية حاسمة في سباق التأهل إلى دور الستة عشر. هذا الوضع يزيد من الضغط والإثارة، ويجعل كل قرار تكتيكي وكل لمسة كرة ذات تأثير أكبر على آمال الفريقين في التقدم بالبطولة.  

II. موعد وتوقيت المباراة: كل ما تحتاج معرفته عن الصدام المرتقب

من المقرر أن تُقام هذه المواجهة المرتقبة بين الأهلي وبالميراس يوم الخميس الموافق 19 يونيو 2025. وستنطلق صافرة البداية في تمام الساعة  

السابعة مساءً بتوقيت القاهرة والمملكة العربية السعودية (19:00)، وهو ما يوافق الساعة الثانية عشرة ظهرًا بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة الأمريكية. ويستضيف هذا الصدام الكروي الكبير ملعب "ميتلايف ستاديوم" في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، أحد الملاعب الرئيسية التي تحتضن فعاليات البطولة. تجدر الإشارة إلى أن كأس العالم للأندية 2025 بدأت في 14 يونيو وتستمر حتى 13 يوليو، موزعة على 11 مدينة أمريكية.  

تُشير بعض التقارير إلى أن الظروف المناخية الصيفية في الولايات المتحدة، والتي تتسم بالحرارة المرتفعة، قد أثرت على أداء الفرق في المباريات الافتتاحية. وقد علّق مدرب الأهلي، خوسيه ريبيرو، على الأجواء المختلفة في الولايات المتحدة. حقيقة أن كلا الفريقين قد تعادلا سلبيًا في مباراتيهما الأولى قد لا تكون مجرد صدفة، بل قد تعكس تأثير هذه الظروف المناخية الصعبة، بالإضافة إلى ضغط البداية في بطولة بنظام جديد وموسع. هذا يعني أن اللياقة البدنية والانضباط التكتيكي والقدرة على إدارة الطاقة داخل الملعب ستكون عوامل حاسمة بشكل خاص طوال البطولة، مما قد يدفع الفرق إلى تبني استراتيجيات أكثر حذرًا في بداية المباريات، مع التركيز على الدفع الهجومي في الأوقات المناسبة.  

III. ديناميكية المجموعة الأولى: صراع النقاط المبكر

يقع النادي الأهلي ضمن المجموعة الأولى في كأس العالم للأندية 2025، وهي مجموعة قوية تضم إلى جانبه كلاً من بالميراس البرازيلي، إنتر ميامي الأمريكي، وبورتو البرتغالي. وبعد الجولة الأولى من المباريات، تشهد المجموعة وضعًا مثيرًا للغاية، حيث تتقاسم جميع الفرق الأربعة نقطة واحدة، بعد أن انتهت مباراتاهما بالتعادل السلبي. فقد تعادل الأهلي في مباراته الافتتاحية أمام إنتر ميامي بدون أهداف ، بينما حقق بالميراس نفس النتيجة أمام بورتو.  

يوضح الجدول التالي ترتيب المجموعة الأولى بعد الجولة الافتتاحية، مما يبرز مدى التقارب في النقاط وشدة المنافسة على بطاقتي التأهل للدور التالي:

جدول 1: ترتيب المجموعة الأولى (بعد الجولة الأولى)

الفريق

المباريات

النقاط

الأهلي

1

1

بالميراس

1

1

بورتو

1

1

إنتر ميامي

1

1

هذا التساوي في النقاط يؤكد أن المواجهة القادمة بين الأهلي وبالميراس ستكون حاسمة للغاية، حيث يسعى كل فريق لتحقيق الفوز الأول له في البطولة والانفراد بصدارة المجموعة، مما يعزز فرصه في التأهل إلى الأدوار الإقصائية.

IV. الأهلي في المونديال: تحديات وإصابات مؤثرة

بعد التعادل السلبي في مباراته الافتتاحية أمام إنتر ميامي، صرح مدرب الأهلي، خوسيه ريبيرو، بأن فريقه ارتكب "بعض الأخطاء" وأهدر "فرصًا ثمينة" وكان "أبطأ من اللازم" في بعض فترات اللعب، مشيرًا إلى أن الأجواء في الولايات المتحدة مختلفة تمامًا عن مصر. وتلقى الأهلي ضربة موجعة بتأكد غياب لاعب الوسط المحوري، إمام عاشور، عن بقية مباريات البطولة. فقد تعرض عاشور لكسر في الترقوة خلال لقاء إنتر ميامي وخضع لعملية جراحية.  

الأمر الأكثر تعقيدًا هو أن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الخاصة بالبطولة تمنع استبدال اللاعبين المصابين في المراكز الأخرى غير حراسة المرمى. هذا القيد يحول غياب إمام عاشور من مجرد إصابة لاعب إلى تحدٍ استراتيجي عميق للفريق. فمع اعتراف المدرب بوجود "بطء" و"مشكلات في التمريرات" في المباراة الأولى ، يصبح فقدان لاعب بحجم عاشور، المعروف بديناميكيته وقدرته على الربط بين الخطوط، أكثر إثارة للقلق. هذا الوضع يفرض على المدرب ريبيرو إعادة ترتيب خط الوسط، وربما الاعتماد بشكل أكبر على الصفقات الجديدة مثل أحمد سيد زيزو، محمود حسن تريزيجيه، محمد علي بن رمضان، وحمدي فتحي لتعويض الفراغ. هذا الاختبار لقدرة الفريق على التكيف وعمق دكة البدلاء قد يدفع المدرب لتبني نهج تكتيكي أكثر تحفظًا أو يفرض على اللاعبين الحاليين تحمل مسؤوليات أكبر لتعويض النقص.  

وعلى الرغم من هذه التحديات، يدخل الأهلي البطولة مدعومًا بسجله القاري المميز، حيث توج بلقب دوري أبطال أفريقيا لموسم 2023/2024، ووصل إلى ربع النهائي في نسخة 2024/2025 الجارية ، مما يؤكد مكانته كفريق ذي خبرة وباع طويل في البطولات الكبرى.  

V. بالميراس: طموح برازيلي وتحديات تكتيكية

بدأ بالميراس مشواره في كأس العالم للأندية بتعادل سلبي أمام بورتو، وعلى الرغم من النتيجة، أعرب المدرب أبيل فيريرا عن ثقته في أداء فريقه، مؤكدًا أنهم كانوا "أفضل بكثير" من بورتو وخلقوا العديد من الفرص، لكن الحظ لم يحالفهم في إنهاء الهجمات. وقد شدد فيريرا على أهمية تحليل مباراة بورتو بدقة قبل مواجهة الأهلي، مما يدل على منهجه الدقيق في التحضير للمباريات.  

تُبرز التحليلات التكتيكية قوة بالميراس البدنية الهائلة، وضغطهم العالي المستمر، وقدرتهم على التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم. سرعة لاعبيهم، خاصة من أمثال إستيفاو وفيتور روكي وفيليبي أندرسون، تجعل الضغط المباشر عليهم محفوفًا بالمخاطر. ومع ذلك، تشير بعض الملاحظات إلى أن استغلال الأطراف قد يكون نقطة ضعف محتملة في دفاعهم. تأهل بالميراس إلى كأس العالم للأندية جاء بصفته بطل الدوري البرازيلي لعام 2023 ، ويمتلك النادي تاريخًا غنيًا في كرة القدم بأمريكا الجنوبية، بما في ذلك ألقاب متعددة في كوبا ليبرتادوريس.  

إن تصريحات المدربين، ريبيرو وفيريرا، بعد الجولة الأولى، تُشير إلى أن المواجهة القادمة ستكون معركة تكتيكية بامتياز. ريبيرو يقر بوجود أخطاء داخلية في فريقه ، بينما فيريرا يرى أن فريقه كان متفوقًا لكنه افتقر إلى اللمسة الأخيرة. هذا التباين في التقييم يمهد لمباراة شطرنج كروية؛ حيث يجب على ريبيرو أن يجد طريقة لمواجهة الضغط العالي واللعب البدني القوي لبالميراس ، خاصة في ظل غياب إمام عاشور. في المقابل، يتعين على فيريرا أن يضمن قدرة فريقه على ترجمة الفرص إلى أهداف. التعديلات التي سيجريها المدربان على التشكيلة والخطط، بالإضافة إلى القرارات الفنية خلال المباراة، ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد الفائز في هذا الصدام المرتقب.  

VI. تاريخ المواجهات: بصمة الماضي في صراع الحاضر

يمتلك الأهلي وبالميراس تاريخًا قصيرًا ولكنه مكثف من المواجهات في كأس العالم للأندية، حيث التقيا مرتين من قبل :  

  • نسخة 2021: التقى الفريقان في مباراة تحديد المركز الثالث. انتهى اللقاء بالتعادل السلبي، ليحسم الأهلي الميدالية البرونزية لصالحه بعد فوزه بركلات الترجيح بنتيجة 3-2.  

  • نسخة 2022: ثأر بالميراس من هزيمته السابقة، حيث فاز على الأهلي بهدفين دون رد في الدور نصف النهائي، ليصعد إلى المباراة النهائية.  

وبالنظر إلى سجل الأهلي الأوسع ضد الأندية البرازيلية في كأس العالم للأندية، يتضح أن الفريق المصري واجه صعوبات تاريخية، حيث حقق فوزًا واحدًا فقط مقابل خمس هزائم في ست مواجهات. هذه الإحصائية تضيف بعدًا نفسيًا للمواجهة القادمة. فنتيجة التعادل 1-1 في المواجهات المباشرة بين الفريقين في البطولة تجعل هذا اللقاء بمثابة كسر للتعادل في تاريخهما. وبالنسبة للأهلي، لا تمثل هذه المباراة فرصة لجمع النقاط الحاسمة فحسب، بل هي أيضًا مناسبة لتجاوز حاجز تاريخي أمام الفرق البرازيلية، واكتساب أفضلية نفسية على خصم قوي ومألوف. أما بالنسبة لبالميراس، فهي فرصة لتأكيد تفوقه وكسر التعادل المباشر، مما يعزز مكانته كقوة كروية عالمية. من المؤكد أن بصمة المواجهات الماضية ستزيد من حدة هذا الصراع الحالي، مما يجعله معركة إرادات بقدر ما هو صراع مهارات.  

VII. الخلاصة: ترقب لقمة كروية لا تقبل القسمة

مع تساوي الفريقين في النقاط ضمن المجموعة الأولى، لا شك أن المباراة القادمة بين الأهلي وبالميراس ستكون حاسمة ومصيرية. تحقيق الفوز في هذا اللقاء سيعزز بشكل كبير من فرص أي من الفريقين في التأهل إلى الأدوار الإقصائية ضمن النظام الموسع للبطولة. يتوقع أن تشهد هذه المواجهة مزيجًا مثيرًا من التعديلات التكتيكية من كلا المدربين، واللمحات الفردية من اللاعبين البارزين، ونكهة إضافية من التنافس التاريخي. يترقب عشاق كرة القدم حول العالم هذا الصدام، الذي سيكون اختبارًا حقيقيًا للشخصية والاستراتيجية والقدرة على الصمود تحت الضغط. توقعوا مباراة مليئة بالندية، حيث سيكون لكل تمريرة، وكل تدخل، وكل تسديدة أهمية قصوى في تحديد الفائز.