كأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024/25



اختتمت بطولة كأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024-25، التي تحمل رسميًا اسم "TotalEnergies CAF Confederation Cup" لأسباب الرعاية، فعالياتها بمباراة نهائية مثيرة حبست الأنفاس، وجذبت عشاق كرة القدم في جميع أنحاء القارة. هذه النسخة، وهي الثانية والعشرون في تاريخ البطولة، شهدت تتويج القوة المغربية، نادي نهضة بركان، بلقبه الثالث المرموق، بعد تحدٍّ بطولي من نادي سيمبا التنزاني. يمثل الوصول إلى النسخة الثانية والعشرين من هذه البطولة دليلاً واضحًا على مكانتها الراسخة في المشهد الكروي الأفريقي. فالبطولة ليست مجرد حدث عابر، بل هي جزء لا يتجزأ من التقويم الرياضي القاري، وتجذب مشاركة 52 فريقًا من 40 اتحادًا وطنيًا. هذا الاستمرارية والانتشار الواسع يؤكدان الاهتمام المتزايد بالمسابقات القارية للأندية، مما يعكس تطورًا ملحوظًا في كرة القدم الأفريقية على مستوى الأندية.  

نهضة بركان: أبطال القارة للمرة الثالثة

تُعدّ فوز نهضة بركان بكأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024-25 إنجازًا تاريخيًا، حيث رفع النادي الكأس المرموقة للمرة الثالثة في تاريخه. جاء هذا الانتصار بعد فوزهم بنتيجة 3-1 في مجموع المباراتين على نادي سيمبا التنزاني. فقد حقق نهضة بركان فوزًا مقنعًا بنتيجة 2-0 في مباراة الذهاب ، ثم تعادل بشق الأنفس بنتيجة 1-1 في مباراة الإياب. يضاف هذا اللقب الأخير إلى تتويجاتهم السابقة في عامي 2020 و2022، مما يعزز مكانتهم كقوة مهيمنة في كرة القدم الأفريقية للأندية.  

إن هذا النجاح المتكرر لنهضة بركان، بتحقيق ثلاثة ألقاب قارية خلال خمس سنوات، يشير إلى استمرارية وتفوق ملحوظين. هذا النمط من الأداء لا يمكن أن يُعزى إلى الصدفة؛ بل يعكس إدارة نادي قوية، وسياسة ناجحة في استقطاب اللاعبين وتطويرهم، بالإضافة إلى تفوق تكتيكي واضح على أرض الملعب. هذه الاستمرارية في تحقيق الألقاب تضع نهضة بركان كنموذج يُحتذى به للأندية الأخرى الطامحة إلى المجد القاري، كما أنها تبرز التأثير المتزايد للأندية المغربية في الساحة الكروية الأفريقية.  

نهائي لا يُنسى: دراما في زنجبار

كانت المباراة النهائية ضد نادي سيمبا التنزاني مشهدًا لا يُنسى، مليئًا بالدراما واللحظات الحاسمة. في مباراة الإياب التي أقيمت في زنجبار، دخل سيمبا المباراة مدفوعًا بجماهيره الشغوفة وحملة "الكأس يجب أن يبقى في الوطن". تقدم سيمبا مبكرًا بهدف جوشوا موتالي في الدقيقة 17، مما أشعل آمال العودة في النتيجة.  

ومع ذلك، شهدت المباراة تحولات دراماتيكية: طُرد لاعب سيمبا يوسف كاجوما في الدقيقة 50، تاركًا فريقه يلعب بعشرة لاعبين. وفي وقت لاحق، اعتقد ستيفن موكوالا أنه سجل هدفًا ثانيًا حاسمًا لسيمبا في الدقيقة 73، لكن تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) ألغته بداعي التسلل، في لحظة وُصفت بأنها "صدمة" للفريق التنزاني. وبينما كان سيمبا يضغط بشدة لتسجيل هدف التعادل، ظهر سومايلا سيديبي كبطل لنهضة بركان، مسجلاً هدف التعادل الحاسم من زاوية ضيقة، ليحسم اللقب عمليًا ويُسكت الجماهير المحلية. على الرغم من الخسارة، قدم سيمبا أداءً "بطوليًا" وحصل على مليون دولار أمريكي كوصيف للبطولة.  

إن الطبيعة الدراماتيكية للمباراة النهائية، والتي تضمنت تحديًا قويًا من فريق تنزاني والعديد من الأحداث التي غيرت مجرى اللعب، تؤكد على التنافسية المتزايدة والقيمة الترفيهية لكأس الكونفيدرالية الأفريقية عبر مختلف مناطق القارة. حقيقة أن فريقًا من شرق أفريقيا (سيمبا) دفع عملاقًا من شمال أفريقيا (نهضة بركان) إلى مثل هذه النهاية المثيرة، إلى جانب المشاركة الجماهيرية المكثفة، تشير إلى أن المشهد التنافسي لكرة القدم الأفريقية يتسع. لم تعد البطولة حكرًا على عدد قليل من القوى التقليدية، بل تشهد صعود منافسين جدد يحققون تقدمًا كبيرًا، مما يجعل البطولة أكثر إثارة وغير متوقعة للمشاهدين، ويعزز الفخر الإقليمي والمشاركة الجماهيرية.

كما أن التأثير الكبير لتقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) والإجراءات التأديبية (البطاقة الحمراء) في مباراة نهائية عالية المخاطر يسلط الضوء على النفوذ المتزايد للتكنولوجيا والتحكيم في المباريات القارية الحاسمة. هذه الحوادث غيرت بشكل مباشر ديناميكيات المباراة؛ فاللعب بعشرة لاعبين يمثل عائقًا كبيرًا، وهدف ملغى في لحظة حرجة يمكن أن يكون مدمرًا نفسيًا. هذا يوضح كيف تتشكل كرة القدم الحديثة، حتى في المسابقات القارية الأفريقية، بشكل متزايد بفعل التدخلات التكنولوجية وقرارات التحكيم. وبينما تهدف هذه التقنيات إلى تحقيق العدالة، فإنها تصبح جزءًا أساسيًا من سرد المباراة، وتضيف طبقة من التوتر والجدل المحتمل، مما يجعل اللعبة أكثر دراماتيكية.  

جدول: نهائي كأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024-25 – أبرز أحداث مباراة الإياب

الدقيقة

نوع الحدث

الفريق

اللاعب/الوصف

النتيجة (وقت الحدث)

الأثر/الأهمية

17

هدف

سيمبا

جوشوا موتالي

1-0

سيمبا يتقدم ويشعل آمال العودة

50

بطاقة حمراء

سيمبا

يوسف كاجوما

1-0

سيمبا يلعب بعشرة لاعبين، تحول في ميزان القوى

73

قرار VAR (إلغاء هدف)

سيمبا

ستيفن موكوالا

1-0

إلغاء هدف بداعي التسلل، لحظة محورية، الحفاظ على تقدم بركان في مجموع المباراتين

73

هدف

نهضة بركان

سومايلا سيديبي

1-1

هدف التعادل، يحسم اللقب لنهضة بركان

نظرة على المستقبل: أين تتجه الكأس؟

بعد انتهاء الاحتفالات، تتجه الأنظار الآن إلى ما هو قادم. فوز نهضة بركان يمنحهم الحق في المشاركة في كأس السوبر الأفريقي 2025، حيث سيواجهون الفائز بدوري أبطال أفريقيا 2024-25، مما يعد بمواجهة قارية أخرى مثيرة. هذا الارتباط المباشر بين الفوز بكأس الكونفيدرالية والمشاركة في كأس السوبر يعزز التسلسل الهرمي والترابط بين مسابقات الأندية التي ينظمها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF). هذا النظام يضمن استمرار مواجهة الأندية الأفضل أداءً، مما يحافظ على مستوى عالٍ من المنافسة ويوفر محتوى كرويًا عالي الجودة للجماهير بشكل مستمر. كما أنه يرفع من مكانة كأس الكونفيدرالية، حيث لا يمثل نهاية في حد ذاته، بل خطوة نحو تحقيق المزيد من المجد القاري، مما يجعله أكثر جاذبية للأندية للتنافس بشدة.  

وفي سياق آخر، احتفلت البطولة أيضًا بهدافيها، إسماعيل بلقاسمي وأسامة لمليوي، حيث سجل كل منهما 5 أهداف، مما يبرز التألق الفردي الذي أضاء المنافسة.  

جدول: إحصائيات كأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024-25

التفاصيل

القيمة

الأبطال

نهضة بركان (اللقب الثالث)

الوصيف

سيمبا

إجمالي الفرق المشاركة

52

إجمالي الاتحادات المشاركة

40

المباريات التي لُعبت

62

الأهداف المسجلة

135

متوسط الأهداف في المباراة

2.18

الهدافون

إسماعيل بلقاسمي، أسامة لمليوي (5 أهداف لكل منهما)

الخلاصة: موسم للذكرى

لقد كان موسم كأس الكونفيدرالية الأفريقية 2024-25 موسمًا لا يُنسى حقًا، حيث عرض الشغف والموهبة والدراما التي تميز كرة القدم الأفريقية. تهانينا لنادي نهضة بركان على لقبه التاريخي الثالث، وتحية لنادي سيمبا على رحلته التي لا تُنسى. نتطلع بشغف إلى المزيد من الإثارة والتشويق من المشهد الكروي النابض بالحياة في القارة!